هل يُحولُ الذكاءُ الصناعي الإعلاميين إلى “سائقي قطارات”!؟..

admin
الوقت 3

من المستغرب والمستهجن بالنسبة لي توجه غالبية المنصات الرقمية والمحطات التلفزيونية إلى تقديم بعض موادها الإعلامية والإعلانية عبر الذكاء الصناعي بتصميم شخصية افتراضية وتركيب صوت غير حقيقي وخلفيات افتراضية ليظهر الإعلان بصيغة فظة وجامدة وغير مبهر على الإطلاق اللهم سوى على المستوى البصري ..
لا يشدني على الإطلاق إعلان فيه شخصية غير بشرية صنعها الذكاء الصناعي ثم تخاطبني بوجه جامد وبركاكة وبلا روح .. وفي الحوارات يستطيع أي محاور أن يسوقها إلى هرطقات وكلام لا معنى له ..
ما يتم تقديمه الأن تحت عنوان الذكاء الصناعي ليس أكثر من أفكار فنية وتقنية قديمة وتم تنفيذ نماذج بدائية منها من أكثر من ربع قرن في محطات تلفزيونية عادية .. لكن الفرق الآن هو توفر تقنيات نفذت هذه الأفكار بجودة أعلى وبسرعة عالية ووقت قياسي ..
ومع ذلك .. أي إعلان يُستخدم فيه بديلاً للعنصر البشري هو إعلان يمكن اعتباره “متخلف”، فليس من المعقول استبدال شخصية حقيقية متميزة ومحترفة وبصوت مميز وأداء مميز بصورة افتراضية وصوت مركب لا حياة فيهما ولا روح لمجرد استعراض إمكانيات التكنولوجيا المتطورة وسرعتها الفائقة في معالجة المعطيات وترجمتها إلى مادة إعلامية ..
حتى الآن لم أرَ في الذكاء الصناعي فيما يتعلق بالإعلام إلا رافداً غايةً في الأهمية والجودة والأداء السريع لخدمة العنصر البشري والمحتوى والهوية البصرية .. ويجب أن لا يتم تقديمه على أنه الأول في ترتيب أولويات العمل الصحفي والإعلامي ..
يجب أن يبقى العنصر البشري وما يرافق الذكاء البشري الطبيعي من مواهب وإبداعات و”توليفة التوابل” التي يعجز الذكاء الصناعي عن توليفها لتعطي النكهة الطبيعية مهما تفوق الصناعي على الطبيعي في السرعة الفائقة في معالجة المعطيات وتنفيذ ما هو مبرمج من الأساس من عقل بشري ..
ما نراه الآن هو زخمٌ عالٍ جداً لاستخدام الذكاء الصناعي بشكل استعراضي كبير على حساب المحتوى والمضامين ومهنية البشر وتعلمها وتطويرها، وهذا يشكل تهديداً حقيقياً لمنابع ومصادر الإعلاميين الحقيقيين القادرين على إنتاج محتوى محترف ودقيق ومبدع بعيداً عن الذكاء الصناعي ..
الخوف هنا أن يحول الذكاءُ الصناعي الصحفيين أو الإعلاميين إلى “سائقي قطارات” ما عليهم سوى الضغط على الأزرار الموجودة في لوحة القيادة (تكبيس أزرار) وفق تعليمات محددة وخطط مُعدَّة سلفاً ..

شارك هذا المقال
عناوين